رثاء بائع البقل في سوق الحصن
الشاعر علي بانبوة ( الكيس)دابي الصاحب الوفي ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ صلينا...
لا يوجد بيننا من ينكر قدر ومكانة الملحن والشاعر وعازف العود والكمان والناي والايقاعات التراثية المختلفة والمطرب المبدع الفنان بدوي زبير الذي منحته الجماهير لقب "جوهرة الطرب" .
فهو بكل المقاييس من أعظم الأصوات في تاريخ الغناء الحضرمي واليمني وهو الإحساس الجميل الذي حلق بنا زمنا في سماء الفن الأصيل.
من حيث فخامة الصوت وجماله ومن حيث روح الإبداع التي تسكن وجدانه، ومن حيث النباهة والذكاء والذاكرة، فهي مواهب لا توصف ..
صوت فريد يتدفق بالنغم ويزخر بالجمال والعذوبة، وإحساس يمتاز بالذوق الفني الرفيع.
وعظمة بدوي زبير تتجلى بوضوح في شخصيته إنسانا وفنانا .. وفي عفويته الحضرمية الراقية وفي رقته وتميز نبض قلبه بالحب وخاصة حبه لمسقط رأسة "مدينة شبام" التاريخية التي غنى لها من صميم قلبه وطوايا روحه ووجدانه روائع عدة ومنها رائعته الغنائية التي صاغ كلماتها ولحنها الشاعر والملحن الفنان الراحل صالح مبارك سالمين ..
وفي حب شبام وعشقها والحنين اليها وبروعة وصفها وانصاف تاريخها العريق وحاضرها العاطر سجع فناننا بدوي بعبق صوته وانغام روحه برائعته الغنائية "أم القصور العوالي" مغردا :
يا ام القصور العوالي
ياناطحات السحاب
لك سيط في الأفق عالي
باقي ليوم الحساب
يا موطن أحباب قلبي
مني عليك السلام
يا الله بعودة قريبة لك يامدينة شبام
وفي الجانب الفني كان فناننا المبدع شغوفا بممارسة التجارب الجديدة بوعي قل نظيره .. والتجديد في الفن هو بصمة التحديث والتطوير الذي يسمو بالفن وبمكانة الفنان ويرفع منزلته عاليا، لا التقليد واتباع خطى الآخرين كما يحدث عند البعض.
ومن ملامح التجديد المستمر وبصمة التحديث في ابداع بدوي زبير :
اولا - تطويع المساجلات للغناء وتحويلها إلى اغنيات ليقربها من اذواق الناس. مثال أغنية المحضار : (رماني باهي الغرة وروح في أمان الله) .
ثانيا - تطويع الابتهالات والاناشيد الدينية للغناء مثال : (عاد اللقاء مابيننا ياراد ياعواد) للمحضار.
ثالثا - الغناء بالعود فقط دون فرقة موسيقية متكاملة .. عوده وصوته هنا يمثلان فرقة بأكملها وخاصة في اداء اغاني الدان الحضرمي كأغنيات حداد بن حسن الكاف والاغنيات الصنعانية، وفي هذه الصفة يشترك بدوي بإقتدار ويتماهى مع صفات وقدرات نجوم الطرب اليمني وكبار مبدعينا كالمرشدي وفيصل علوي ومحمد سعد عبدالله وايوب طارش وبدوي احد هؤلاء الخمسةالكبار .
رابعا - بدوي لايكرر اعماله ويتميز بالتنوع واثراء فنه وقد ادخل اغاني الفنان الكبير محمد سعد عبدالله واحيا ذكره بأداء أغنية أو أكثر في اغلب سهراته التي يحييها واضحت اغنيات محمد سعد بأنغام واحساس هذا المبدع المجدد صفة مميزة من صفات فن بدوي زبير .
وهذه الصفات ليست إلا غيض من فيض.
لقد كان بدوي مثالا في النبوغ وفي الغناء والموسيقى والاداء والصوت والإبداع وظل طيلة حياته يجدد في صميم فنه الحضرمي واليمني ويمارس هذه التجارب الجديدة في كل عمل أو لحن يقدمه وهو لم يصل إلى هذا المستوى الرفيع والحب الجارف للجماهير إلا بتميز خصائصه وصفاته الفنية ولأنه قمة في الإحساس والتذوق والعاطفة النبيلة والعطاء اللا محدود الذي منحه بحب للجماهير فبادلته حبا بحب وعشقا بعشق .
وسيبقى صوته واشعاره وموسيقاه والحانه رمزا للفن الرفيع الذي يساهم في بناء الحياة، وسيظل بدوي زبير ساكنا في قلوبنا جميعا وحيا في مشاعر كل الناس وخالدا في ضمائر الأجيال المتعاقبة جيلا بعد جيل .
رحم الله بدوي زبير .. وتحية الى روحه في يوم ذكراه.