الجيش الجنوبي .. ذاكرة المجد و ركيزة استعادة الدولة

في الأول من سبتمبر من كل عام يحيي أبناء شعبنا الجنوبي وقواته المسلحة ذكرى تأسيس الجيش، ذلك الصرح الذي لم يكن يوماً مجرد تشكيل عسكري تقليدي بل مثل منذ نشأته  الضمانة الحقيقية لصون السيادة وتجسيد مشروع التحرر الوطني  فالجيش الجنوبي ولد من رحم النضال ضد الاستعمار البريطاني واستمد شرعيته من دماء الشهداء الذين سطروا ببطولاتهم ملحمة الاستقلال ليغدو الامتداد الطبيعي لمسيرة الكفاح الوطني في الجنوب.

تعود الجذورالأولى للتشكيلات العسكرية في الجنوب إلى العام 1905م حين شرعت السلطات البريطانية في إنشاء كتائب محلية لتكريس سيطرتها على جغرافية الجنوب العربي غير أن هذه النواة التي صممت لخدمة المشروع الاستعماري تحولت لاحقاً إلى قاعدة صلبة أعيد بناؤها وتوطينها في إطار وطني بعد انتصار ثورة 14 أكتوبر والاستقلال في 30 نوفمبر 1967م عندها جرى دمج الوحدات العسكرية التي كانت تحت إمرة المستعمر مع القوى الثورية المسلحة لتشكل جميعها الجيش الوطني لجمهورية اليمن الجنوبية الشعبية، تحت إشراف وزارة الدفاع في الدولة الوليدة.

وفي العام 1970م شهد الجنوب حدثا مفصلياً تمثل في إنشاء أول كلية عسكرية على أنقاض مركز التدريب العسكري في منطقة صلاح الدين وهو ما فتح الباب أمام بناء مؤسسة عسكرية حديثة قائمة على التكوين الأكاديمي والانضباط التنظيمي وفي الأول من سبتمبر 1971م تخرجت أول دفعة من هذه الكلية فكان ذلك اليوم منعطفاً تاريخياً في مسيرة الجيش الجنوبي، ليعتمدعيداً رسمياً للقوات المسلحة ورمزاً لتجذر المؤسسة العسكرية كركيزة أساسية في بناء الدولة وحماية مشروعها الوطني.

إن إحياء هذه الذكرى ليس مجرد استدعاء لحدث تاريخي بل هو تأكيد على حقيقة راسخة أن استقلال الجنوب لا يمكن أن يصان إلا بجيش وطني عقيدته حماية الأرض والإنسان والسيادة وجوهره التلاحم مع الشعب تماماً كما أراده الرواد الأوائل الذين أدركوا مبكراً أن الدولة لا تقوم إلا على مؤسسات صلبة وفي مقدمتها الجيش.

نحيي اليوم هذا الذكرى في واقع وطني استثنائي يشهد مرحلة تحول نوعية نحو استعادة الدولة الوطنية الجنوبية الذي خاض شعبنا من أجل تحقيق هذا الهدف السامي وعلى مدى سنوات طويلة خاض شعبنا أرقى أشكال النضال التحرري السلمي والعسكري وقدم قوافل من الشهداء.. وفي أتون هذا النضال التحرري تخلقت النواة المعاصرة والظروف والمتطلبات والشروط الموضوعية والذاتية لبناء قوات مسلحة جنوبية حديثة.. هذه القوة بدأت قيادتها الحقيقية في رحم الجيش القديم وفي ساحات النضال والحراك السلمي وفي أتون معارك التحرر الوطني وتطورت كمًا ونوعًا بمعارك الدفاع عن أرض الجنوب وأمنها واستقرارها وفي معارك استكمال تحررنا الوطني الثاني.

ما من شك أن القوات المسلحة الحديثة هي الامتداد المتطور للإرث العسكري والنضالي لجيش التحرير الشعبي والمقاومة التحررية الجنوبية عبر مراحل التاريخ النضالي المختلفة لهذا الشعب الذي مثل تاريخه العسكري النضالي عنصرًا حيويًا ومكونًا رئيسيًا في تاريخه الوطني.. واحتفاؤنا بهذه المناسبة الوطنية يمثل إحياءً لأمجاد وبطولات وتضحيات الجيش الجنوبي وهو في الوقت ذاته تكريمًا وتبجيلًا واعتزازًا لشهداء هذه المؤسسة وأبطالها ورواد بنائها وتطورها وتعزيز جدارتها واقتدارها القتالي عند مستويات التحديات والمخاطر الدفاعية والأمنية والتنموية التي كان يتعرض لها وطننا.

لقد كان تاريخ الجيش الجنوبي وتجربته الريادية ناصعًا ومشرفًا ثريًا بخبراته وتجاربه النظرية والعملية في ميادين البناء والحروب وما أحوجنا اليوم الذي نتطلع فيه لبناء وتشييد مؤسستنا الدفاعية المعاصرة أن نستلهم من تاريخنا وإرثنا وتجاربنا الخبرات والدروس والعبر التي يمكن إعادة تطبيقها والاستفادة منها وفق متطلبات المتغيرات المتسارعة في العلوم والفنون العسكرية وآفاقها المستقبلية، لأن الجيوش كانت وستظل عماد بنيان الدولة الحديثة وأداة لحمايتها والقوة الكفيلة في الحفاظ على سيادة وأمن واستقرار الوطن وتوفير البيئة الآمنة واللازمة للتنمية والازدهار والتطور في مختلف قطاعات الحياة.

لقد كان تاريخ الجيش الجنوبي وتجربته الريادية ناصعًا ومشرفًا ثريًا بخبراته وتجاربه النظرية والعملية في ميادين البناء والحروب وما أحوجنا اليوم الذي نتطلع فيه لبناء وتشييد مؤسستنا الدفاعية المعاصرة أن نستلهم من تاريخنا وإرثنا وتجاربنا الخبرات والدروس والعبر التي يمكن إعادة تطبيقها والاستفادة منها وفق متطلبات المتغيرات المتسارعة في العلوم والفنون العسكرية وآفاقها المستقبلية، لأن الجيش الوطني الحديث والمتسلح بالوعي كان وسيظل عماد بنيان الدولة الحديثة وأداة لحمايتها والقوة الكفيلة في الحفاظ على سيادة وأمن واستقرار الوطن وتوفير البيئة الآمنة واللازمة للتنمية والازدهار والتطور في مختلف قطاعات الحياة.
 

مقالات الكاتب