الكذبة البيضاء

قالت أم الإمام الجليل الجيلاني : رحمه الله يومآ يابني : إياك والكذب فإن الكذب ليس من الإسلام ؛
تلك الكلمات البسيطة  في حروفها،  والعظيمة في معناها،  زادت ذلك الطفل الصغير يقينا صادقا إلى يقينه ، وإيمانا راسخا ثابتا إلى إيمانه .
أيقن ذلك الطفل الصغير إن من ثوابت هذا الدين،  الصدق والإيمان برب العالمين سبحانه. 
فذهب إلى الشام لتلقي العلم الشرعي هنالك، وفي الطريق أعترض لهم قطاع الطرق فقتلوا من قتلوا وأصيب منهم وجرح من جرح،  حتى أتوا إلى الطفل الصغير الإمام الجيلاني عليه رحمة الله ودار بينهم هذا الحديث :
قاطع الطريق  : من أنت ؟؟
الطفل الصغير : الجيلاني ! 
قاطع الطريق  : إلى أين  ستذهب ؟؟
الطفل الصغير : إلى الشام 
قاطع الطريق :  ولما  ؟؟ 
الطفل الصغير : لطلب العلم 
قاطع الطريق : وكم معك من المال  ؟؟
الطفل الصغير : معي ألف دينار 
قاطع الطريق : متعجبا  وأين هي  ؟؟
الطفل الصغير : هي معي في صرتي * 
قاطع الطريق : وما منعك إلا تكذب أخفت من الموت ؟؟
الطفل الصغير : لا لم أخف من الموت 
قاطع الطريق : ولما أخبرتني عن مكان المال 
الطفل الصغير : لأن هذا هو الإسلام قالت لي أمي يومآ يابني إياك والكذب فإن الكذب ليس من الإسلام. 
فجأة جلس قاطع الطريق على الأرض وهو يبكي بكاء شديدا وهو يقول صدقت الكذب ليس من الإسلام وكذا السرقة ليست من الإسلام ثم تاب وحسنت توبته.
  
إذًا قضيةُ الكذب ذنب من أخطر الذنوب، بل إن النبي عليه الصلاة و السلام يقول:
((يُطْبَعُ الْمُؤْمِنُ عَلَى الْخِلَالِ كُلِّهَا إِلَّا الْخِيَانَةَ وَالْكَذِبَ))
أيْ تجدمؤمناً منطوياً ومؤمناً منفتحاً، مؤمناً يحب الحركة ومؤمناً يحب الاستقرار، مؤمناً طابعه اجتماعي ومؤمناً طابعه انعزالي، مؤمناً أنيق جداً و مؤمناً أقلُّ أناقة، مؤمناً عصبيّ المزاج ومؤمناً وديعاً، هناك طباع لا تعدّ و لا تحصى كلها على العين و الرأس:
يقول الله تعالى : ((يأيها الذين آمنوا إتقوا الله وكونوا مع الصادقين ))
محمد عليه الصلاة والسلام الصادق المصدوق يقول : ((إِنَّ الصِّدْقَ يَهْدِي إِلَى الْبِرِّ وَإِنَّ الْبِرَّ يَهْدِي إِلَى الْجَنَّةِ وَإِنَّ الرَّجُلَ لَيَصْدُقُ حَتَّى يَكُونَ صِدِّيقًا وَإِنَّ الْكَذِبَ يَهْدِي إِلَى الْفُجُورِ وَإِنَّ الْفُجُورَ يَهْدِي إِلَى النَّارِ وَإِنَّ الرَّجُلَ لَيَكْذِبُ حَتَّى يُكْتَبَ عِنْدَ اللَّهِ كَذَّابًا ))
وكذا يقول هو بأبي وأمي صلى الله عليه وسلم : (( تحروا الصدق وأن رأيتم فيه الهلكة فإن فيه النجاة وتجنبوا الكذب وأن رأيتم فيه النجاة فإن فيه الهلكة )) 
فمن أين جاءت الكذبة البيضاء؟  وهل في الإسلام كذبة سوداء اللون أو بيضاء؟؟ 
الكذبة البيضاء مصطلح أنتشر في حياتنا بل أصبح جزء منا؟؟
 ماهي الكذبة البيضاء؟؟ وماهو دورها في حياتنا ؟؟ وهل نستطيع أن نعيش دون الكذب الأبيض ؟؟ وهل الإسلام أمر بها ؟؟ 
ماذا يحدث لو نهض الناس ذات صباح وقرروا أن يكونوا صادقين مع أنفسهم ومع غيرهم صدقاً مطلقا ً؟؟!
في هذه الحال لن يبقى إثنان لا يختلفان مع بعضهما. الصديق سيختلف مع صديقه والزميل مع زميله والزوج مع زوجته والاب مع ابنه.
إذا لا يوجد في ديننا الإسلامي الحنيف كذبة بيضاء أو حمراء. 
فالكذب ليس من الإسلام ...
الغيبة ليست من الإسلام ...
أكل أموال الناس بالباطل ليس من الإسلام ...
والسرقة ليست من الإسلام...
والقتل العمد ليس من الإسلام... 
وكل ماذكرت ليس من الإسلام في شيء ولا وجود لكذبة بيضاء في حياتنا.

مقالات الكاتب