إن شفت شيء في طريقك واعجبك؛ شلّه!

لقد عرَفنا الفنان الراحل المرشدي بغنائه، ذي البعد السياسي، ولا تخفى علينا -كمثال- أغنيته الشهيرة (نشوان)، التي صار البعض لا يسمعها في وسائل الأعلام إلا وربما توقع حربا قادمة!
ومن الجمل التي وردت في إحدى أغنياته، ومرت عليها مسامعنا مرور الكرام؛ بينما هي ذات بعد سياسي جملة: "إن شفت في طريقك شيء واعجبك؛ شلّه!". هذه الجملة، التي لا يكاد يوجد يمني، إلا وهو حافظ لها، ويدندن بها!
لم نكن نعلم أن هذه الجملة تحكي لنا عن الفكر الإمامي المأزوم البغيض في ربوع اليمن! والذي يتبناه الحوثيون اليوم ويطبقونه بحذافيره!
ذلك أن الفكر الإمامي السلالي منذ وجد يستبيح للسلالة الهاشمية أموال العامة. والعامة عندهم كل الناس عداهم. فمذهبهم أن الله خلقهم سادة وغيرهم إنما خُلِقوا خدما لهم وعبيدا، وبالتالي أموال العامة حلال لأفراد سلالتهم؛ فالعبد وما يملك ملك للسيد، بحسب فكرهم الإمامي السلالي البغيض! ولهذا من حق أي سيد إذا أُعجِب بشيء، هو ملك لأحد الزنابيل، أن يأخذه بأي وسيلة يقدر عليها، حتى وإن كانت في قمة الحقارة!
ولذلك فكرهم المأزوم هذا، أنتج أقوالا يتجاهرون بها فيما بينهم ويظهرون عكسها أمام الزنابيل، حسب مذهب التقية لديهم، الذي يبيح لهم الكذب على غيرهم والنصب والاحتيال والخداع.. ومن هذه الجمل -مثلا لا حصرا-:
- الجملة السابقة التي تغنى بها المرشدي وعنونا بها المقالة.
- وقولهم: أن الله سيحاسبهم على ما تُرِك في أيدي العامة، وليس على ما أخذوا منهم.
- وقولهم؛ أن الحرام هو ما لا يستطيع أحدهم أخذه، أما ما قدر عليه فليس بحرام.
وأفعالهم شاهدة على أقوالهم، غير الخفية عن صفحات تاريخ اليمن، فكم من المدن اليمنية استباحها السلاليون، فنهبت ممتلكاتها وتركت خاوية! بل نهبت ملابس من على إجساد علماء أجلاء وهم مغلوب على أمرهم ينظرون. ومن الشواهد -مثلا- حينما أرسل الإمام محمد حميد الدين؛ والد يحيى حميد الدين جيشه لمحاربة الأتراك في تعز ،وقد حارب الأتراك المسلمين على أساس مذهبي، رغم أن وجودهم في اليمن، إنما كان حماية لها من تمدد المحتل الإنجليزي إلى شمال اليمن وشبه الجزيرة العربية. وفي الطريق إلى تعز، مر الجيش على (يريم) المناصرة للإمام، ورغم أن أهلها احتفلوا بقدوم الجيش، وأكرموه كرما لم يرى مثله من قبل؛ إلا أنهم بقوا فيها شهرا كاملا ينهبون كل ما يملك أهلها! حتى أنهم كانوا يقطعون أذن المرأة ليسلبوها ذهبها! وعاثوا فيها فسادا ودمارا..!
ولا يخفى علينا تشاؤم أهل البيضاء من ذكر يوم الأربعاء ودعاؤهم القائل: "على قرنك!" على من يذكر يوم الأربعاء؛ لما جرى لهم فيه من أهوال تجرعوها؛ حين استباح السلاليون مدينتهم.
ولا يخفى المثل الشعبي التهامي القائل: "مثل عسكر الإمام"، الذي يضربونه في تكالب اللئام على حق الكرام.
ولا يقف فكرهم المأزوم عند هذا؛ بل يبيح حتى اعتداء بعضهم على بعض؛ بهدف اغتصاب السلطة من بعضهم؛ فالأسر السلالية تتنافس فيما بينها على إمامة الناس بالقوة والغلبة على بعضهم. هذه الطامة جعلت الفكر الإمامي يجيز لهم الصراع فيما بين هذه البيوت السلالية؛ ليقفز كل بيت منهم إلى سدة الحكم. فجائز في مذهبهم لكل سيد لديه القدرة على الغلبة، أن يخرج على السيد الحاكم، ويقضي عليه ويتولى الحكم. وهم في صراعهم التنافسي هذا، يجيشون أتباعهم من عامة الناس؛ غير الهاشميين ويزجون بهم في محارق صراعهم؛ فما بين عام 1816 و1835م كانت الحروب طاحنة بين المهدي الرسي والهادي السراجي، كل يريد الإمامة. وكانت القبائل (الزنابيل) مقسمة في الصراع لأجلهما، وفي النهاية توصلا إلى أنه لا مخرج إلا بالوحدة، فأرسل كل منهما وفدا من السادة من بيت الشامي وبيت شرف الدين، وأتفق الوفدان على أن الاجتماع في أحد المنازل، وكان الهادي غاضب؛ للدمار والدماء، فأقترب منه المهدي، وقال ضاحكاً: "هل أنهدم بيتك أو بيتي؟ هل قُتل أولادك أو اولادي؟" فقال الهادي: "لا"، فقال المهدي: "فلما أنت ضايق؟"، وقال مقولته الشهيرة: "الحجر من القاع والدم من رأس القبيلي"؛ أي ماتم هدمه سيتم أعادة بنائه، أما القبيلي؛ فهوا مجرد حجر على رقعة الشطرنج يلعب به، ويبقى الحكم لهما! وصارت المقولة مثلا سائرا في كل ربوع اليمن.
والعامة هنا أو الزنابيل وهم الذين يجري عليهم ما سبق، المقصود بهم من على مذهبهم وفكرهم من غير الهاشميين السلاليين. وأما مخالفيهم فهم في نظرهم كفار؛ دماؤهم مباحة، فضلا عن أموالهم! والدعاء المشهور لديهم وزنابيلهم: "عظمة سني في قبر أبوك"؛ يبين مدى كراهيتهم لبقية اليمنيين السنة. ولهذا لا يخفى في مذهبهم الإمامي السلالي، الذي ارتبط بهم منذ وجودهم، الذي يوجب سلب أموال مخالفيهم وهدم بيوتهم على رؤوسهم، وأيضا هدم مساجدهم أو تحويلها إلى ثكنات ومخازن عسكرية أو استراحات لتعاطي القات والشمة وتدخين المداعة والزوامل والبرع... وقد تطور أسلوب الهدم البدائي القديم إلى أسلوب حديث يتمثل في تفجير المنازل على سكانها. وآخره وليس الأخير ما، حصل في رداع وشاهد ذلك الجميع.
لقد فعلوا أفعالا لم يفعلها إلا إخوتهم اليهود في فلسطين، فهم يذرون الرماد في أعين الناس بأفعال يزعمون بها نصرة فلسطين؛ بينما الواقع عكس ذلك تماما؛ لقد سُمِح لهم بالنباح لا العض، ومن نباحهم المطلوب منهم من قبل إخوتهم اليهود؛ ضرب السفن المدنية في البحر الأحمر وخليج عدن، ولو كانوا صادقين فقربهم ودونهم القاعدة العسكرية اليهودية في جزيرة (دهلك) في البحر الأحمر.
والخلاصة أن السلاليين الروافض هم يهود في قلوبهم ومسلمين ظاهرا؛ أي أشبه بسيارة محركها يهودي و(البودي) إسلامي. وخطر فكرهم المأزوم وضررهم، لا ولن ينتهي حتى ولو حسم الوضع في اليمن لصالحهم. فهم سيستعبدون اليمنيين وسيسخرونهم في حرب جيرانهم بنفس الخلفية الفكرية الإمامية السلالية الكهنوتية.
وما على الشعب اليمني؛ بكل فئاته ومستوياته، إلا التصدي لهم فكريا وعسكريا، وإلا؛ فسيذقوقون من نفس الكأس الذي ذاقه غيرهم؛ مصداقا لقوله -تعالى-:
{وَاتَّقُوا فِتْنَةً لَّا تُصِيبَنَّ الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنكُمْ خَاصَّةً ۖ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ} [الأنفال: 25].
ودمتم سالمين! ولا سلّمهم الله! ونجّى الله البلاد والعباد من شرهم وأذاهم!

مقالات الكاتب