خطاب إلى والدي

صدى الحقيقة : مهند عبدالمنان ثابت
خطاب إلى والدي
(عبدالمنان ثابت صالح ناصر)
في 11 /03/ 2021  ذكرى وفاته السنوية الأولى
                         - 
     والدي .. رحمة الله عليك 
لا أعرف بماذا أناديك ؟!
هل أقول ياوالدي ، يا أبي  ، أم أنني أقول يا ( بابا ) ، هذه الكلمة التي تعودنا  أنا وأشقائي ، وشقيقاتي ، بمناداتك  بها  منذ الطفولة ، وحتى  اللحظات الأخيرة  لرحيلك عن دنيتنا التي أضحت مظلمة علينا بغير وجودك فيها.
بابا  .. تلك الكلمة ياوالدي التي كانت  تخرج من أفواهنا صادقة ، ومعبرة عن حب حقيقي من أبناء أبرار بوالد عظيم ، صادق ، وحنون ، فأستحق بكل كلمات ومعاني الاستحقاق أن يفخر به الأبناء.
بابا .. تلك الكلمة التي أستمرينا بإستخدامها لمناداتك حتى بعد أن كبرنا وبلغنا أشدنا  ، رغم إستنكارها من قبل الكثيرين ، كونها حسب إعتقادهم لا تعبر عن معاني الرجولة ،  بل تعني  المياعة ، الدلع ، والدلال ، وهي صفات لايجب إلا أن تكون لدى البنات ، وليس الرجال والشباب ؛ لإعتقادهم أن الرجولة تقاس بكلمات من خلالها يثمن الرجال ، نسوا  أو تناسوا أن الرجولة مواقف ، شجاعة ، شهامة ، عدم الخوف ، وقول الحق.
حكموا على الرجولة وعدمها من خلال كلمة صادقة ، يعبر بها الأبناء عن حبهم الصادق لوالدهم ، كلمة تعني كل معاني الحب بين الأبناء ووالدهم ، كلمة أستوطنت داخل القلوب ، وسكنت الوجدان ، فعبرت عن ترابط  أزلي بين النفوس ، فكانت مكتملة المعاني ،  فظلت مستمرة ، وإن كنت  رحلت عنا ( ياوالدي ) ، فكلمة مناداتك مازالت باقية في كل تفاصيل حياتنا ، نناديك بها  كلما تنفسنا  زهيقا ، ونفضنا زفيرا .
لأن النفس دائماً ماتهفو إلى الإلتجاء والإحتماء بمن تثق بهم ، أحياءً كانوا أم أمواتاً ، فكيف إذا كان الموثوق به هو أنت ( ياوالدي ) ، ذلك الرجل الأب الذي حرك كل المشاعر والأحاسيس  بداخلي لتختلط  فتصنع عجينة الخير ، الطيبة ، الشجاعة ، وكل المشاعر الإنسانية العظيمة.
ولعل هذه  المناسبة ( ذكرى وفاتك الأولى ) ، هي أنسب المناسبات للكتابة إليك ، وعنك ، لأنه في إعتقادي لم يعد لأي إنسان قيمة أفضل من سيرة حياة عطرة ، مليئة بالمواقف البطولية المشرفة ، تظل متناقلة عبر الناس خلال سنين الحياة ، تعمق في نفوسهم المعنى الحقيقي للقيم  ، للمبادئ ، والمثل ، من خلال تحقيق المعنى الحقيقي لأهمية حياة الإنسان ووجوده، ومايتجلى عن هذا الوجود من أعمال بالغة الأهمية.
ولم يكن هناك مايشغلني عن القيام بواجبي نحوك ، حين  أقول بأنه كما كنت حنوناً علينا ، وصادقاً معنا ، وراعياً لنا ، وأميناً علينا في حياتك  ، وجب علي أن أكون أميناً على حقك علينا  ، و صادق العهد معك في مماتك ،  وحين أقول بأنني أشهد الله بأنك لم تدخر  جهدا في سبيل تحقيق سعادتنا ، إنما أردت الإعتراف بحقك  علينا  وإنصافك ، وحين يكون الإنسان صادقاً ، ومنصفاً  وجب عليه الإعتراف بأهمية حقوق الآخرين عليه ، ووجودهم في حياته ، وتأثير قوة وجودهم فيها ، فكيف  لو كان أنت يا والدي؟ 
ولذلك كان لابد أن أكتب إليك ، فالكتابة شرط أساسي ومهم للتفريج والتنفيس عن الهموم ، فضلاً عن أهمية نشر مايكتب ، إذا نظرُ إليه من الناحية التوثيقية لسيرة حياة إنسانٍ مثلك ( يا والدي) .
 في دنيا تكادُ تكون مليئة بالمتناقضات ، آثرت أن أكتب إليك ،  لتكون الكتابة وسيلتي المُثلى للتخلص  من  هواجسي ، وساوسي ، وهلاوسي. 
ولعلني بذلك أكون قد تمكنت من الإبقاء على إستمرار جسر الترابط ، والحوار الذي كان فيما بيننا دائما ،  وكان يتضمن الكثير من قفشاتك الممتعةً والحلوة ،  ذلك الحوار الذي كان في فترة زمنية معينة بين أب وولده ، ومع مرور الزمن جعلته أنت ( يا والدي) ، بين أب وصديقه ، مع الإحتفاظ بمكانة الأب الأبدية المقدسة  من جانبي ، واحتفاظك بالحب  ، الحنان  ، الرعاية ، والإهتمام الأبوي نحوي .
وقد يبدو للبعض بأن ما أكتبه هو حنين إلى الماضي الذي لايمكننا أن نعود إليه ابدا  ، كما يصعب علينا العيش فيه مرة أخري ، رغم إننا نعيش هذا الماضي بكل تفاصيله من خلال ذكرياتنا المستمرة معنا  ،  في واقع يجب التعايش معه من خلال مافيه من تغيرات في الحياة ، وأهم هذه التغيرات  في حياتنا هو وفاتك ، وذهابك عنا لتستمر الحياة بدونك وغيابك عنا .
ورغم الصفات المميزة لكل الناس بعضهم عن بعض ، إلا أنه تظل لكل فرد منهم صفات فريدة مميزة له تجعل وجوده عنصر  مهم  ومؤثر في حياة من حوله. 
ولما كانت الصفات المميزة للناس مؤثرة على من هم حولهم  ، كذلك هي الأحداث والأيام مؤثرة عليهم ،  وهكذا  كان ليوم وفاتك  عظيم الأثر  علينا ، ذلك الحدث المصاب  الجلل . 
وقد كانت أول  إشارة لقرب الأجل المحتوم تلوح بقرب نهاية حياتك (يا والدي) ، حين بدأ التهاب الدم الناتج عن ( سبب رطق الجرح بالدبابيس) جرح عملية كسر الحوض الأيسر الذي كان إثر حادث سقوطك بالمنزل ، وحينها بدأ الإلتهاب يغزو دفاعات الجسم عبر الدم الملتهب ، وكانت الإشارات الأخرى هي بدء توقف أعضاء الجسد الحيوية الواحدة تلو الأخرى ، دون السبيل لعمل أي شيئ من قبل القائمين على أمر علاجك ( ياوالدي) ، ولذلك كانت مسألة الوفاة آتية لا محالة ، ولكنها منتظرة الوقت المحدد لها.
وجاء  فجر يوم الأربعاء الموافق 11 مارس 2020  ليكون  مؤثرا  علينا وفي حياتنا ، ويطوي آخر صفحات حياتك  ، إذ ذهبت عنا (يا والدي) ، وأنتقلت للدار الآخرة ، إلى الرفيق  الأعلى ،  مغفوراً له بإذنه  تعالى جل علاه  ، مشمولا برحمته التي وسعت كل شيئ ( اللهم آمين ).
وقد أعلن  نبأ  وفاتك على عدن الوطن  ، من خلال  بيان النعي الصادر عن الأستاذ أيمن محمد  ناصر ، وكيل وزارة الإعلام في وفاة خاله ،  وقد تضمن البيان مقتطفات من  سيرة حياتك ،  حيث جاء فيه : (أنعي إليكم احبتي وأصدقائي وأخواني وفاة خالي عبدالمنان ثابت صالح ناصر ، والذي أنتقل إلى جوار ربه في الثانية من صباح هذا اليوم  في أبوظبي ،  عن عمر ناهز 86 عاما  ، حيث وري الثرى فيها بعد صلاة العصر .
 وأن الفقيد  من مواليد مدينة التواهي 1934 م ، درس بالبادري  وعرف عنه مناصرته القوية للحركة العمالية ، ولم يحمل أي سلاح ناري طيلة حياته ، حيث أن سلاحه  شجاعته وقوتة ، وذراعه متى أستدعت الضرورة ذلك ،  كما تضمن البيان منظمي  صفوف  جنازة  أول شهيد للحركة الوطنية ، الشهيد قاسم هلال 1956  حيث كان الفقيد في مقدمة الصفوف مع المناضل أحمد يوسف النهاري ،  والشقيقين الشهيد محمد ناصر محمد النواصري ، والأستاذ أنيس ،  وواقعة تأمين إحدى  مسيرات الطالبات والنساء التي نظمتها جبهة التحرير ضد الاستعمار البريطاني ،  وحين تم التلويح من قبل كمشنل البوليس بفض المسيرة ، قام الفقيد بتسديد لكمة له وتمزيق شارتِه العسكرية وتستمر المسيرة ويفر الفقيد من مطاردة البوليس لأيام وقد  أطلق عليه  لقب رأس الأس "  Head Lion   هد ليون " ، وفي الإقتتال الأهلي بين جبهة القومية والتحرير ، أرسلت الجبهة القومية مجموعة بقيادة " أ.ن.ح " إلى منزل الفقيد بالمعلا  لتصفيته، الذي نجح بمغادرة المنزل من الخلف.
وقد  عمل الفقيد في شركة سي سي سي ، ولوك توماس و البس ،  وأعتزل العمل السياسي بعد خروج جبهة التحرير ، وظل يعمل في عدن ، وأشتغل بإخلاص في مجال عمله ، حيث عمل بالمؤسسة الإقتصادية وشركة النفط ، والشركات الأجنبية ، ونظرا لرأي معين طرحه تم الزج به من قبل رأس النظام في سجن المنصورة دون أي محاكمة ، وأفرج عنه بعد عام وغادر عدن كغيره من العدنيين إلى الكويت فالعراق ، ثم استقر به المقام في مدينة أبوظبي ، حيث وجد فرص العيش الكريم وطيب الإقامة.
للفقيد عدد من الآولاد  "عبدالناصر - خيضر - هاني - مهند - منذر  - وثلاث بنات ، وعدد كبير من الأحفاد"
نسأل الله أن يتغمده  بواسع الرحمة والمغفرة وأن يلهمنا الصبر والسلوان.
 إنا لله وإنا إليه راجعون ).
كما قام  بالتعزية مشكورين رواد منتديات " الأيام" 
" العراسي" بكريتر و " بدر ناجي " و " باجرش " بخور مكسر ، و" الطيب" بالمنصورة ، و " اليابلي " و " النجاشي " بالشيخ عثمان ، وأحمد يوسف النهاري ، ومحمد سعيد العبسي ، وعلي عوض واقص. 
كذلك الشكر للإخوة بالأيام الرياضي على التعزية     
كما بعث الأخ الرئيس علي ناصر محمد ببرقية تعزية مشكورا عليها إلى الأستاذ أيمن محمد ناصر وكيل وزارة الإعلام ، بوفاة خاله ، حيث جاء فيها: ( ببالغ الأسى والحزن العميق تلقيت نبأ وفاة المغفور له بإذن الله خالكم  المناضل عبدالمنان ثابت صالح  في أبوظبي ، وبهذا المصاب الجلل تقبلوا عزائي الصادق ومواساتي القلبية ،  وعبركم  إلى كافة أسرة فقيد الوطن والشعب ، داعيا الله أن يتغمده  بواسع رحمته ويسكنه فسيح جناته .
وبرحيله فقدت عدن والوطن مناضل من أجل الحرية والاستقلال الوطني ، وكان له دوره المشهود في الحركة العمالية منذ منتصف خمسينيات القرن الماضي ، وفي النضال السلمي والتحرري ضد الإحتلال البريطاني من أجل الإستقلال ، وفي المساهمة في بناء الدولة الجديدة).
وهنا وجب الإشارة  إلى بعض المواقف الطيبة التي كانت من قبل الرئيس علي ناصر معك يا والدي ، وكانت محل تقدير  له من قبلك يا(والدي) و كنت تذكرها له بالخير  ولم تنساها له ،  ذلك لأن الوفاء لأصحاب المواقف واجب كل أصيل ،  رغم أنها من الحقوق المشروعة  والمكفولة لكل مواطن ،  إلا إنها  سلبت وظلت في تلك الفترة من التمنيات والطموح اللتان يتعذر على كثير من الناس الوصول إليها أو تحقيقها ،  حتى  بعد  الوحدة  تعذر تحقيق  الكثير  منها  ، حيث أزدادت المحسوبية عن ذي قبل  ،  حيث كان  الموقف الأول خلال المقابلة التي تمت مع معاليه أثناء زيارته المفاجئة لشركة النفط اليمنية الوطنية ،  حين كنت ياوالدي تلاعب شقيقتي الصغرى بجانب حديقة الشركة المقابلة للمنزل  ، حينها  كان الاخ علي ناصر دولة رئيس مجلس الوزراء ، وكانت شركة النفط من ضمن مهام المرافق الحكومية  التي كان  يشرف عليها شخصياً ويقوم بالنزول الميداني لها بشكل نصف سنوي أي مرتين في السنة ،  حيث نلخص  اللقاء القصير بالحديث التالي "أعتقد مشكلتك أنتهت ياعبدالمنان  وخرجت (يقصد من المعتقل) بدليل إنك أمامي"
فقلت :" نعم صحيح  يا أخ علي ، خرجت بعد  أن تم  إعتقالي بدون سبب  لمدة " 15 شهر ا "    ،  ولكن منذ أن خرجت من المعتقل وحتى يومنا هذا  لم أتمكن من العمل ، منعت من العمل في بلدي  ، تم التعميم على كل مرافق  الدولة  بعدم الموافقة على توظيفي لأننا كما تم تعميمه "ثورة مضادة" هكذا يقولوا ، وأنت يا أخ علي تعرفني جيدا وتعرف تاريخي النضالي وسجلي الوطني"
"لا هذا غير صحيح ياعبدالمنان" ،  وقال: "شركة النفط تمام"
فقلت له : "تمام"
وأشار للمرافق بتسليمه المذكرة ، وسجل أمر التوظيف وقال لكن ضابط إداري (كإشارة بعدم الحلم بالمنصب السابق) ،  ورغم حصولك على العمل ، إلا أنه لم يهدأ الحال ، حيث أستمرت المكايدات والإستفزازات والمضايقات  من قبل  الجماعة ،  وتمت كذلك الكثير من إجراءات التنقلات  التي كانت بقصد التتفير   تحت غطاء التكليف  وهي لأغراض أخرى حيث تم نقلك الى العمل بمصنع الطماطم بالفيوش  بلحج  تحت ذريعة إدارة المصنع (ذلك المصنع الذي كان 99% من القوة العاملة فيه نساء)  وبعدها تمت العودة إلى النفط  ،  وبعد ذلك العمل بالمهرة مع شركات التنقيب الأجنبية  بالمسيلة وحوف ،  وكنت تأتي  إلى عدن مرتين كل شهر وبعدها عدت إلى النفط ، وأستمرت المكايدات ، وحينها أصبحت يا والدي لم تعد  قادرٍا على الصبر والتحمل ، فقررت الخروج من البلد -الخروج الذي رفضته حين عرض عليك  توني بس العمل بإدارة إحدى شركاته بالبحرين أثناء فترة الإغتيالات ، (( حيث كان ردك  عليه بأنه يصعب عليك  ذلك ،  لأنك  لا تتصور  أن  يمر عليك صباح أي يوم  دون  مشاهدة جبل شمسان)) ، بعد أن ضاق بك  الحال تحت ذريعة السفر للعلاج ،  (إذ إنك  كنت قد تعرضت للإصابة  بأزمة قلبية خلال الفترة الطويلة التي كنت  تقاصيها بدون عمل بعد خروجك من المعتقل )  ،  حينها قلت لوالدتي: "لم أعد أحتمل" ،  فقالت: (رحمةالله عليها) "هادنهم وسايرهم" ، فقلت : "ليس أنا من يطأطئ رأسه وانت تعرفي هذا جيداً ، لأنك تعرفينني منذ أن كنت بالمدرسة  بعمر الأولاد الصغار  لا أخاف الموت" ، فقالت: " نعم، لكن قوة السلطة  وأنت تعرف أنهم  لا يعملوا معك  مايعملوه  إلا لأنهم  تحت قوة السلطة ،  ولذلك عليك  أن تهادن  وتصبر" .
 وكان الموقف الثاني  ،  حين جاءت فرصة زيارة الأخ علي ناصر لشركة النفط ،  كان المدير حينها الأستاذ عبدالكريم ثابت ، تم عرض طلب السفر  على معاليه ، و حضرت (ياوالدي ) إلى مكتب المدير  وتمت موافقة معالي رئيس مجلس الوزراء على السفر بدون أية ضمانات ، إلا أنه  حدثت  بعض العراقيل المتعمدة من قبل الهجرة والجوازات  ،  ذلك لأن بعض القيادات السابقة كانت تتلذذ  بالتصرفات  الطفولية والغير مسؤولة ، وأحياناً الحقيرة بإفتعال بعض الأمور بغرض التأخير  والإساءة والإستفزاز  " بدون ضمانة ،  لا لازم ضمانة وهكذا "  وإلا بماذا يفسر تأخير طلب عُمد مؤشراً وممهوراً بموافقة  معالي رئيس مجلس الوزراء  ، وحينها كان كان  مدير إدارة الهجرة والجوازات علي مقبل  ، على أي حال تمت الأمور على خير ،  وأنتهت الإجراءات التي كانت مستعصية فترة  ،  وأخذت (ياوالدي ) جواز السفر ومهرته بتأشيرة الخروج وحددت موعد السفر .
إلا أنه لم  تنتهي الأمور  كما  كان يفترض أن تكون  ،  حين كنا في المطار فجراً  ، حين جئت ياوالدي ، لتخبر والدتي بإحتمال عدم السماح لك بالسفر  لأن " ع.س "  ومعه آخرين شاهدوك وكان الانزعاج واضحاً عليه  وغادر مسرعاً إلى أحد المكاتب بالداخل  ، وكنت متأكدا  بأنه أجري اتصالا بابن عمه " م.ش " لأنه حين عاد  بدت لك بأن ملاحمه كانت طبيعية ،  فقالت لك : خليك هادئ " ضع حبة تحت اللسان "  فقلت : "عملت ، ولذلك  أخبرك  بأنه سيتم منعي من السفر  لأنني أعتقد بل متأكد بأنه ثمة أمور تشير إلى ذلك" ، وبالفعل تم ماتوقعته  ياوالدي ، حيث تم منعك من السفر (( حيث ان الذي يتم إعادته من المطار بمنعه من السفر يصعب عليه السفر مرة أخرى ،  لانه يتم حجز جواز سفره أمنياً ) ، وهذا ماكان يخطط له ويتمناه  الذي  شاهدك في المطار ، وقد  عدنا أدراجنا إلى المنزل إلا إنك ياوالدي  لم تأتي معنا إلى المنزل ،  وقلت بأنك ذاهب لمقابلة الأخ رئيس مجلس الوزراء  رغم أن الوقت كان فجراً  مصطحبا معك حقيبة السفر ، وذهبت إلى دار الرئاسة ، وقد شاهدك الأخ علي ناصر من سيارته حين حضوره  وأعطى تعليماته بالسماح لك بالدخول ، وقلت  له ياوالدي: " منعت من السفر يا أخ علي  ،  وها أنا أمام معاليك جئت من المطار  ببدلة السفر ومعي الحقيبة " ، وحينها كما قلت ياوالدي غضب الأخ علي ناصر وتغيرت ملامحه ، وأخذ سماعة الهاتف وأجرى إتصالاً وقال: " أنا علي ناصر محمد رئيس الوزراء  اسمح لعبدالمنان ثابت بالسفر وانتم تمنعوه ، هو الآن عندي وخلال نصف ساعة أريدك ترسل جواز سفره ليستلمه عندي بالمكتب وهو مسافر الأسبوع القادم  ،  وأنتم امنعوه لو تقدروا " ، وبالفعل استملمت ياوالدي جواز السفر بدار الرئاسة  وبعدها سافرت ، وهذا كان موقفه الثالث معك ياوالدي ، ولذلك كانت هذه المواقف محل تقدير له عندك   ياوالدي كما سبق وأن قلت ،  ولذلك  بعثت  ياوالدي ايضا ببرقية تهنئة بمناسبة تسلمه الحكم .
كما قام الأستاذ نجيب محمد اليابلي بالكتابة في عموده المعروف رجال في ذاكرة التاريخ تحت عنوان عبدالمنان ثابت صالح  مشوار عمر زاخر بالعطاء 
وقد تطرق  لسيرة حياتك كتاريخ ومكان المولد والنشأة ، والحياة الرياضية والحياة  النقابية والعمل الوطني والنضالي ، والعمل الإداري. 
وبهذه المناسبة ( أقترح على آل باشراخيل ، الأستاذ تمام   ، بالعمل على إصدار موسوعة بعنوان رجال في ذاكرة التاريخ .. تتضمن كافة مقالات هذا العمود  بقلم نجيب محمد اليابلي ، تقديرا لهذه القامة الصحفية وللجهود  المضنية التي  بذلها في هذا العمل الضحم ، الذي شمل كل ميادين تاريخ عدن ، وتوثيقا للتاريخ ، وللأجيال).
وهكذا تغيرت الحياة بالنسبة  لنا في هذا اليوم  ، وبوداعنا الأخير لك ( ياوالدي  )  ،  نودع والد عظيم وحنون ، ولكنك باقٍ في قلوبنا  ،  باقٍ في حياتنا اليومية  من خلال المناداة علينا  وبإسمائنا ، باقٍ معنا .. من خلال كتابة بياناتنا  ،  نودع حياة باقيةً معنا .. من  خلال الشخصية الحافلة بالعطاء والإنجازات ، الشخصية الموسومة بالشجاعة ، ولها بصمات في كافة ميادين  الحياة في عدن الوطن ،  الشخصية الرياضة ،  والنقابية ، والوطنية النضالية الشجاعة ، والإجتماعية.
 باقٍ معنا .. من خلال  الشخصية الرياضية  الشجاعة  ، حيث كنت أحد فرسان مدافعي  نادي شباب التواهي ، وأحد أعضاء الهيئة الإدارية فيما بعد. 
باقٍ معنا .. .من خلال عملك النقابي والعمالي ، حين كنت أحد قيادات  ومؤسسي الحركة النقابية في عدن في أوائل الخمسينيات من خلال بداية أول مشوار العمل  في شركة كوري براذرز  ،  مع المناضلين  عبده خليل سليمان ،  وعبدالقادر الفروي ، و محمد سعيد  مسواط ، وحسين باوزير ، ومحمد سالم علي ، وعبدالله الأصنج ، محمد سالم باسندوه ، محمد عبدالله الذهب ،  وسيف العزيبي رحمة الله عليهم جميعاً وغيرهم  ، وكان من أبرز  نتائج الحركة النقابية تأسيس النقابات الست.
 باقٍ معنا .. من خلال  عملك النقابي  والنضال الوطني الشجاع في جبهة التحرير و ذلك اليوم الذي قمت فيه بكل شجاعة ودون خوف أو وجل بالإنقضاض على اللورد البريطاني وخنقه  أثناء وصوله في مطار عدن . 
باقٍ معنا  .. من خلال ذكر استمرارك بالعمل الوطني و النقابي خلال فترة العمل التي تدرجت فيها من كوري براذرز “Cory Brothers”  إلى لوك توماس “Luke Thomas” ، وسي سي سي “CCC” ، ثم شركة البس محاسبا   فمدير شؤون الموظفين ومدير فندق الكرسنت هوتيل " فندق الهلال "   حيث ظللت  خلال تلك الفترة مستمرا  بالعمل النقابي والوطني حتى الاستقلال وتسلم الجبهة القومية السلطة ، وخروج جبهة التحرير  ، و اعتزالك بعدها العمل النضالي التحرري  عند تحقيق الاستقلال.
باقٍ معنا .. من خلال ذكر  إستمرارك  بالعمل النقابي  الذي توقف  بعد حركة التأميم  ،  إلا أنه كان يتم الإستعانة بك من قبل السلطة لإيجاد الحلول لكثير  من  الأمور .
باقٍ معنا .. من خلال تكليفك  من قبل السلطة بالعمل على ضم شركتي التجارة الداخلية ، و التجارة الخارجية ، بشركة واحدة تحت إسم شركة التجارة الداخلية والخارجية    والإستقالة التي أجبرت علي تقديمها بعد الإنتهاء  من التكليف بضم شركتي التجار  الداخلية والخارجية " الذي مازال قائما"  لعدم رغبة السلطة فيك.
باقٍ معنا حين .   أنتقلت للعمل لدى شركة الأسماك اليابانية في مدينة التواهي  مدير حسابات ،  ورغم أن الراتب لم يكن كالذي كنت تتقاضاه سابقاً ،  الا  إنها كانت وظيفة والحمدلله  تؤمن الحياة الكريمة الطيبة لأفراد الأسرة  ،  رغم أن ذلك  لم يدم طويلا  لأن الجماعة لم يمهلوك فرصة للحياة ،  حيث  أن حصولك  على الوظيفة بفترة وجيزة  أثار حفيظة  قيادات النظام  ،  كونها كانت  مستكثرة  عليك  الاستمرار في العيش الكريم  ،  لأن  سقوط العقل في أسر الجهل  يجعل فئة معينة من الناس التفكير بأن لها الحق في مصادرة حقوق الآخرين ، وإبادتهم ، وهذا غالباً مايؤدي إلى الأعمال والتصرفات  اللاأخلاقية ، وبالتالي كوارث غير محمودة العواقب ، لأن هذه الفئة  أعطت لنفسها الحق في تشكيل حياة الآخرين وتاريخهم كما تشاء و وفق ماتراه و بمقدار سقوطها في الجهل ،  رغم  أنه كان يفترض أن يكون لكل فرد في المجتمع  الحق بالحياة  ،  والتحرك وفق دائرته ومحيطه ومجتمعه بحرية ، وكيفما شاء  ، دون ان يكون هناك من يمنعه هذا الحق  ، طالما ان تحركه ، في الحدود المعتدلة ،  والمسموح بها ، ولا يتعارض مع الدين و القوانين والأعراف ،   و أن الأمر  الآخر الذي أثار حفيظة قيادات النظام أكثر ،  و أجج نار الحقد  السابق الذي هو موجودا اصلا في قلوبهم ولم يغادرها قط  ،  تكليفك بتمثيل الشركة لدى الدولة  ، فبدأت  الملاحقات والمكايدات ، والاساءات ،  تتوالى عليك .
باقٍ معنا .. حين أتى  وزير الثروة السمكية الياباني  وشركات الأسماك في العالم بزيارة إلى الدولة و مقر الشركة  ، لعقد لقاءات  و اتفاقات ، و لما تم عقد إجتماع الشركة مع الدولة الذي حضره من الجانب الياباني الوزير الزائر  و السيد تاناكا مدير الشركة ونائبه  (و أنت يا والدي)  ممثلاً للشركة ،  وحضر عن الدولة وزير الثروة السمكية و نائبه  و الوكيل و مدير الثروة الثروة السمكية ونائبه ، و قد كان الاجتماع مثمراً  ،  إلا أنه  كان مشوباً ببعض المنغسات ، نظراً لحقد  الجماعة عليك (يا والدي) ، الذي مازال في قلوبهم  ، لإنهم كانوا أصلاً موسومين بذلك و هو طبع فيهم ،  يصعب تغييره ، فكان من حين لآخر يقول  واحداً منهم كلمة كان الغرض منها الإساءة  والنرفزة  و إحداث مشكلة ،  حيث يبدو بأنهموا كانوا متفقين على ذلك الأمر من خلال تبادل الأدوار ،  وكان يخرج الكلام عن اللباقة والبروتوكول في كثير من الأحيان ،  ويحتد الحديث بينكم   ، إلى أن قال واحدٌ منهم:  لا داعي لأن تتكلم أنت (يا عبدالمنان) أنت خليك نحن بنتكلم عنك لان إنجليزيتك ضعيفة و ركيكة ، حينها  أحتد الكلام بينكم  أكثر وغضبت أنت  ( يا والدي )  ولم تتحمل أكثر وقلت له: أنت ياجاهل تقول هذا لي أنا ، أنت بالكاد تعرف تمسك القلم ،  و تكتب اسمك  ، وأخرجت المنديل من جيب "الجاكت" وفتحته وقلت لهم أنتم   "كلكم" جميعكم  أحطكم هنا  بهذا المنديل و أغلق عليكم  هكذا  واحطكم داخل الجيب هكذا   لانكم كلكم جهلة  ،  وبدأ الموضوع يخرج  عن  الرسمية واللياقة والبروتوكول  أكثر  ،  ورغم إن ذلك الخلاف والنقاش كان  يدور بينكم يالعربي ، إلا أنه كان واضحا ومفهوما للجانب الياباني من خلال طريقة كلامكم وتعابير وجوهكم ، وقد أنتهى الاجتماع على خير ،   ولم ينتهي حقدهم. المستمر.
 باقٍ معنا حين قررت الشركة إقامة حفل وداع للوزير ، وتكفلت (  أنت ياوالدي ) بإلإجراءات اللازمة لذلك ، حيث تم حجز فندق الصخرة " الروك هوتيل" (كان مدير الفندق في حينه الأستاذ عبدالله البيضاني) وتمت دعوة رجال وقيادات الدولة ، حيث حضر وزراء ، ووكلاء وزراء ومدراء عامون ،  وسفراء ودبلوماسيين ، وكان ضمن الحضور أيضا ( صهرك وقريبك مؤسس صحيفة الطريق) ، (سعادة السفير  محمد ناصر محمد - سفير الدولة لدى لبنان) (الذي تزامن تواجده في عدن للمهمة المزعومة ، مهمة المحافظات المشؤمة  مهمة التثقيف  المدعاة  ، و الذي استشهد بعد أيام من تاريخ الحفل رحمة الله عليه  بحادثة طائرة الدبلوماسيين )،  ولما كنت يا والدي ممثلا للشركة اليابانية ،  ولا تخضع للبروتوكول لأنك لست مرتبطا بالنظام ،  كنت حر الحركة ،  وحين أراد الوزير الياباني أن يكافأ الفنانة ،  أشرت إليه بضرورة القيام اليها شخصيا ،  ومددت يدك له وقلت: Your Excellency ,Please  " يور  اكسيلنسي بليز " ، وأخذته  وانت تقول عروس   " حينها التفت إليك صهرك وأومأ إليك بنظرات  بأن تهدأ لأن الجماعة  منشغلين بالحديث عنك ،  وأشرت إليه أنت (ياوالدي)  أيضا من خلال نظرات ،  دعك منهم ، ودعهم  في خبثهم وجبنهم ، فأبتسم صهرك 
 وهكذا أنتهى الحفل في حين  لم ينتهي الحقد القائم في قلوبهم ، حيث ظلت القلوب الحاقدة  تستعر ناراً.
 باق معنا ياوالدي .. حين بدأت الملاحقات والمضايقات ، وإرسال بعض الأشخاص إلى الشركة اليابانية على فترات مختلفة لمقابلتك ( ياوالدي) ،  لطلب منك مبالغ مالية كقروض ، لعدم حصولهم على عمل  ومحاولتهم  إستمالتك عاطفيا وإنسانيا للموافقة  على  اقراضهم من خلال عرض ظروفهم الأسرية واطفالهم الذين هم بحاجة  للأكل ، وحين وجهت سؤالك لواحد منهم  أنت تعرفني؟ فقال: نعم. فقلت له كيف تعرفني وانت أصغر مني بأكثر من عشر سنوات؟  فأرتبك وتلعثم وقال لك أنت شخصية معروفة و من المناضلين، حينها ضحكت يا والدي و قلت له أنا ما أعرفك كما أنه ما عندك الفلوس ، ولو كان عندك فأولادك أولى ، وهكذا تكررت هذه العملية ثلاث مرات معك ، وحينها قلت للأخير منهم أبلغ الذي أرسلك كلمة واحدة قول له " عيب "
 باق معنا ياوالدي .. من خلال استمرار الملاحقة والمراقبة والحقد المستمر عليك الذي  انتهى بعد نجاحهم في  حصولهم على إصدار أمر الأعتقال  حين حضروا إلى الشركة اليابانية لإعتقالك ، وحين أعترضت وسألت عن التهمة الموجهة إليك : كان رد هم عليك سلطات عليا  ،  وعرضوا عليك أمر الإعتقال الذي كان ممهورا بالآعتماد من قبل رأس النظام  الإعتقال  ياسبحان الله ياوالدي رأس النظام أصبح ليس لديه عمل إلا إرضاء وإشباع رغبات العقول الجاهلة والفارغة ،  وحين حاول مدير الشركة اليابانية السيد تاناكا بالتدخل ومنع خروجك ، ابلغوك لتخبره بنوع الأمر الصادر ، وهكذا خرجت معهم ولكنك رفضت صعود السيارة حتى تعرف إلى أين ذاهب ، وحين اخبروك إلى مركز شرطة التواهي ، قلت لهم :  سأذهب معكم مشيا بالأقدام وانتم بالسيارة ، وحين وصلتم إلى مركز الشرطة ، كان الضابط من أبناء عدن والضباط الشرفاء ،وعلى معرفة تامة بتاريخك النقابي وسجلك الوطني ، وحين قالوا له خلي عندك عبدالمنان ثابت أمانة ، وحينها ضخك وقال : أمانة ماكم هذا شخصية معروفة وله تاريخه ، وليس بضاعة توضع عندي كأمانة ، فقالوا له : نفذ  الأمر فقط ،  وبرزوا  له الأمر  ليروه  طبيعة صدوره ومن قبل من ، فتلعثم وسكت ، ولكن سرعان ما تمالك نفسه وقال : طيب لكن لم اضعة بالزنزانة مثل أي مجرم ، بل بالغرفة  التي بالطابق العلوي ، فقالوا : لك ذلك  ، على الأقل ليتمكنوا من ترتيب أوراقهم و التهمة التي يخططون لها كان ذلك  سنة 1973  (( التي كانت  سنة الم وحزن  للأسرة  حيث كانت فيها  فاجعة حادثة طائرة الدبلوماسين التي كانت في 1973/04/15 م ،  وإستشهاد  زوج عمتي  السفير محمد ناصر محمد  ، وبعدها بخمسة أشهر  كان إعتقالك ياوالدي )) ، وتحديدا كان ذلك في 1973/09/17 الموافق لعشرين شعبان  تقريبا ، وقد صدرت تعليمات للشركة بعدم صرف راتبك أو مستحقات لك ،  وحين حاول مدير الشركة التوضيح لهم بأن هذه شركة اجنبية وليست إحدى شركات الدولة ، أحضروا له  أمر  فوقي   ( صادر عن رأس النظام ) ،وقد كنا نقوم بزيارتك ، وحين هل علينا شهر رمضان الكريم  ، كنا نتناوب أنا وأشقائي بإحضارنا لك طعام إفطار رمضان ، وفي يوم عشرين رمضان عاد أخي الأكبر مني الى البيت قبل  أذان المغرب بدقائق ومعه الإفطار  وقال بصوت عالي:  قالوا أبوك مش موجود ، بلغ أهلك بأنهم حولوه إلى المنصورة  ، كان ذلك الخبر كالصاعقة على والدتي وعلينا ، والدتي التي انهارت مع صوت المؤذن ولم تفطر ، وكانت تقول يالله  يالله  ؛ الله  أكبر عليهم بحق رمضان وبحق العشر الآواخر  ، وكأنه عز عليهم ياوالدي أن تقضي أواخر رمضان والعيد بمركز الشرطة ، وتأتيك زيارات يومية من أولادك وأكل من البيت ،
وهكذا تم تحويلك إلى المنصورة ، وتمر عليك الأشهر  وأنت معتقل هناك دون معرفة السبب ، وعندما كان يأتي وزير الداخلية للمرور على السجن ،  وكنت تسأله ياوالدي عن سبب وجودك هنا ، كان يقول لا أعلم وفي زيارة قلت له : كيف ماتعرف وأنت وزير الداخلية ، وهذا المكان ضمن  اختصاصاتك ومسؤولياتك ، والجميع هنا كل واحد منهم يعرف تهمته ومدة حكمه  ، فكيف انا  لا أعرف تهمني وسبب وجودي هنا ،  وأنت أيضا لاتعرف ، وحينها قلت له حاكموني إذا عندكم علي أي شيئ : فكان رده سلطة عليا : وأنتهى النقاش  ، وتم التخطيط  للتصفية الجسدية ، حيث جاء واحد على مرأى جميع المتواجدين في ثكنة السجن  ( البراق  )  ، وأثناء فترة نومك  وهو يحمل حديد سيفون الحمام ، وشمر عن ساعدية دون تحريك ساكن من أحد ، وقام بتسديد ضربة على رأسك ، وحين قمت وهززت رأسك ، ودمك تناثر في كل مكان حتى إلى ملابس المعتدي  الذي خاف وهم بتعزيز الثانية ، إلا إنك صددتها بيدك اليسرى ياوالدي ، والتي أصيبت إثر تلك الضربة ، وهكذا حين قمت تدخل الجميع ، وتم فبركة الأمر على أنه  خلاف وشجار بين أثنين  من المعتقلين ، وتلك كانت المحاولة الخامسة والأخيرة لتصفيتك( ياولدي) ، ولما جئنا لزيارتك بعد الحادث كان يوجد تغيير واضحا على ملامح وجهك ،  ورأسك ياوالدي الذي كنت رابطه بالشال ( المشدة )  ، وحين سؤلت من قبل والدتي لماذا رأسك مربوط وماذا حصل ؟ قلت لها: لاشيء ، لكن شعري طويل ففضلت ربطه أثناء الصلاة ، ولما قالت ويدك : قلت لها ارتطمت  بالسرير ، رغم أننا عدنا ياوالدي ونحن نعرف بأنه حصل شيئ لم تفصح عنه ، وهكذا استمرت متابعة سبب امر الاعتقال  من قبل الأهل والأقارب لدى المسؤولين بالدولة  ، وهكذا مرت عليك الأشهر الباقية ،  وتم الإفراج عنك ياوالدي بعد مرور  (15) شهر ، لتتفاجئ بكثير من الأمور ،  كإصدار أمر بعدم إعادتك للعمل لدى الشركة اليابانية ، وعدم صرف مستحقاتك المالية ،  والتعميم على كافة مرافق الدولة بعدم الموافقة على توظيفك ، فكان ذلك أكبر صدمة لك ، إذ إنك لم تكن تتخيل أن يحصل ذلك معك ، ورغم حصولك على الوظيفة بقرار الأخ معالي رئيس الوزراء ، إلا إنك أصبحت غير قادر على الصبر وتحمل  المكايدات والمضايقات  فقررت مغادرة بلادك ووطنك مكرها.
اللهم اغفر لوالديَّ و ارحمهما كما ربياني صغيراً
اللهم اغفر لأبي و عوضه الجنة عن كل أوجاعه و أناته علينا و على الوطن
اللهم آمين.