" قاسم المهري " مناضل في السلم وثائر في الحرب أدمن البارود وعشق أصوات الرصاص

صدى الحقيقة : فؤاد جباري

قاسم الثوباني،  أو قاسم المهري (كما اشتهر بهذا الأسم)، شاب جنوبي في ريعان شبابه، لم يسبق لي أن قد التقيت به سوى بضعة أيام في العام 2015م عندما كنا معتصمين في ساحة العروض قبل اندلاع الحرب بأيام.

 كنا ضمن أحد الفرق الإعلامية، وكنا مخيمين ضمن مربعات في الساحة، وكان المهري هو المسؤول عن مربعنا، وكان يدور في الساحة كالنحلة ليل نهار يتفقد المعتصمين ويقدم لهم الخدمات، وكان كثيرا ما يؤثرنا على نفسه ويقدم كل ما يحتاجه المعتصمين في المربع المسؤول عليه وينفق من ماله الخاص،  وفوق هذا كان دمث الإخلاق وغاية في التواضع.

اندلعت المعركة وتفرقنا حينها وكلا ذهب في حال سبيله، وبعد شهر تقريبا من المعارك التي كانت محتدمة بشكل كبير في الضالع،  اتتني رسالة عبر الواتس من الأخ  قاسم المهري يسألني عن وضع الطريق إلى الضالع،  قلت له لماذا وأين أنت الآن،  قال هكذا فقط.. انا في المهرة.. قلت له الطريق صعبة والإحتلال مشدد التفتيش في النقاط ويعتقل ويدقق في كل شيئ، قال لي سأمر عبر يافع.. قلت له ليس لدي أي معرفة بالطريق هناك.


مرت أيام قليلة فقط،  فإذا برسالة أخرى أتت منه يقول فيها "انا في الضالع وقد التحقت بالمقاومة" .. انصدمت حينها وقلت في نفسي كيف له أن يجتاز كل هذه المسافة ويخاطر في نفسه في ظل أوضاع الحرب حتى وصل إلى الضالع!،، سألته يا قاسم كيف لك أن تخاطر وكيف اجتزت كل هذه المسافة وفي هكذا وضع خطر،  قال ”لم أستطع البقاء ولم يهدأ لي بال وودت أن أشارك إخواني السلاح والدفاع عن الوطن،  وجعلت الضالع قبلتي لما فيها من معارك شرسة ضد قوات الإحتلال“.

انخرط المهري في المعركة منذ وصوله، وشارك فيها في الخطوط الأمامية حتى تم تحرير الضالع،  ومن ثم اتجه نحو المسيمير برفقة أبطال المقاومة تحت قيادة الرئيس القائد عيدروس الزبيدي قائد المقاومة الجنوبية آنذاك،  وشارك في المعارك هناك حتى تم تحرير قاعدة العند.

انقطع التواصل بيني وبينه،  وكنت فقط أسمع عنه أو أراه من خلال الصور مرافقاً للقادة عيدروس وشلال في العاصمة عدن، أو في مقدمة الصفوف أثناء المواجهات التي دارت بين قوات المقاومة والعناصر الإرهابية في عدن وغيرها،  واستمر هذا الإنقطاع حتى الآن،  وفجأة جاءني خبر قبل أيام أن المهري يتواجد في الضالع ويشارك في جبهات القتال ضد مليشيات الحوثي في الحرب الدائرة الآن.

بصراحة أدهشني هذا الشاب،  كما أدهش الكثيرون من أبناء الجنوب، لايريد المكاسب ولا تلهوه المناصب، هو ذاك الشاب الذي حب التضحية وأدمن البارود وعشق صوت الرصاص، ولاتراه إلا حيثما يكمن الخطر الذي يهدد هذا الوطن ويتطلب من أبنائه الدفاع عنه، فترى المهري يذود عنه مقدماً دمه وروحه فداء له، ولايرق له جفن إلا حينما يراه حراً أبياً مستقلاً،  فمثل هذا البطل يستحق منا أن نكرمه، ونضع ألف تاج وألف قبلة على رأسه.