{ باتيس } الأمر مختلف !!

وضعت إدارتا ناديي ( السد والتعاون) بمنطقة باتيس بمحافظة أبين، وهما تذيبان معا "جليد" المناكفات والمشاحنات التي عادة ما تغلف بها نشاطات الأندية (الجمعية)، أو تلك المرتبطة بنطاق جغرافي واحد، نفسيهما في برواز جميل، ينبغي التوقف أمامه طويلاً والانحناء له، إجلالا وتقديرا.

وبإقامتها لنشاطات رياضية (موحدة) تبارى فيها شباب الناديين، بروح تنافسية جميلة طوال أيام شهر رمضان المنصرم، تكون إدارتا "السد والتعاون" قد سجلتا موقفٍ مختلفٍ، بعيد تماما عن تلك التي تغذي "المشاحنات" وتؤجج "العداوات" بين أبناء الأندية المتجاورة، فرسمت بذلك لوحة متفردة عنوانها (الحب) وألوانها (التسامح) واساس وفصل العمل فيها (الألفة).

وبحرصهما على إقامة المسابقات الرياضية ( قدم، طائرة، شطرنج، مسابقات ثقافية، وأخرى فنية)، تكون إدارتا "السد والتعاون" قد قدمتا المتعة والفائدة معا لأبناء المنطقة في قالب من الحلوى، تذوق حلاوتها واستمتع بمذاقها كل من شارك وساهم في تلك الأمسيات الجميلة، وعاش تفاصيل ألقها حضورا ومشاهدة.

أبناء "باتيس" والقرى المجاورة لها يدركون تماما أن فعاليات رمضان هذا العام، لم تكن مجرد مباريات رياضية ومنافسات كروية فحسب، ولكنها في الأساس حملت معانٍ وأهداف أخرى مختلفة، حيث اللقاءات "الحميمية" وصور التآخي والتعاضد بين شباب المنطقة، بعد أن فرقتهم الضغائن وباعدت بينهم الأحقاد، خلال شهور قد خلت، كانت فيها المدينة (مسرحا) تركض فيه المواجع (وميدان) تتسابق على جنباته صور الاقتتال والفواجع.

فمن دائرة الأحقاد والضغائن والاقتتال والتشريد التي كان عليها شباب المدينة، نجحت العقول الواعية والحصيفة المتمثلة في شخص رئيسا الناديين " محمد العبد " (نادي التعاون) و" فاروق علي"، (نادي سد باتيس) وباقي أعضاء الإدارتين في تحويل ذلك، إلى "واحة" حب وطمأنينة بين كل ابناء المنطقة، على مختلف انتماءاتهم وتكويناتهم المجتمعية، فاستأنس بها الجميع وسعد بها كل الساكنين.
عادة لا يصل الناس إلى حديقة النجاح في أي عمل، دون أن يمروا بمحطات التعب، ولا يلامس صفحات التميز والتفرد، من لم يتمرغ بتراب المعاناة، "عبارات"، بدت ماثلة أمامي وأنا أشاهد نهائي منافسات (القدم والطائرة والشطرنج والمسابقات الفكرية والثقافية) في أخر ليلية من ليالي شهر رمضان الكريم.

أدركت لحظتها أن لوحة (الختام) هذه قد نسجت بيدي "فنان"، وأن الوان التماهي والألق فيها صنعتها "عقول" مرهفة الإحساس، دفعت الحضور والمتابعين إلى التصفيق وبحرارة لأولئك الرجال، الذين تمكنوا وفي وفترة وجيزة من تحويل أتراح المدينة إلى ايام فرح وليال ملاح.

شعرت يومها وأنا أتابع هذا الحراك الرياضي الكبير والتفاعل منقطع النظير من قبل شباب وشيوخ وحتى أطفال المنطقة، أن ايام الزمن الجميل لرياضة باتيس، زمن النجوم الكبيرة التي لم تلقها تلافيف ذاكرة الرياضيين في ابين وفي خنفر تحديدا، كما هو الحال ( برياض يسلم، وشيخ بالليل، وصالح أحمد ناصر، وحسين ناجي، ووحيد محسن عقيل، وعبدالله النوم، ومحمد عوض عبيد، وياسر لكلس، وأولاد دهمس "نبيه وجميل")، وغيرها من الاسماء التي لم تحضرني جميعها في هذه العجالة، أن الايام القادمة ستكون حبلى بمثل تلك الاسماء وربما افضل، طالما وفي المنطقة عقول تؤثر العمل، وافكار "نيرة" تستقرئ المستقبل وتعمل لأجله.