اليمن السعيد

عند الحديث عن اليمن فإن اللسان يعجز عن التعبير والعقل يتوقف عن التفكير، اليمن كلمة كبيرة عندما نسمعها تشتعل قلوبنا بالمحبة وتدمع عيوننا الحائرة فرحا وحزنا وتتوقف ألسنتنا عن الكلام مثل شخص محب يريد أن يبوح لحبيبته بكلمة أحبك، وحين تتحول الكلمات لدموع وآهات وأنين يملأ الحزن القلوب وتضيق الصدور ، وحين يبكي الحرف على الوطن يكون الجرح أعمق والأسى أشد وهل بعد حب الأوطان من حب.

الوطن هو عزنا وهو الامان لنفوسنا به نحتمي وبه كرامتنا حماك الله ياوطني واعاد الله لك أمنك وأمانك، الوطن غالي لمن يعلم ما هو الوطن، وعزيز لمن لدية العزة وكرامة النفس

فكلمّا حاولت أن ابتعد قليلاً عما يدور من احداث فيها ، أجد نفسي مع أصدقائي نعاود الكلام ونتحدث عن الأزمات التي تعصف هذا البلد الغالي وندور في دائرة الأزمة . فإذا تحدثت عن الحبّ وجدت أن حبّ اليمن يفوق حب جميع الأشخاص الذين مروا في حياتي، فهو حبّ خالد ودائم الوجود وأبديّ ، فأنواع الحبّ كثيرة جميعها متغيرة تبعاً بمرور الوقت والظروف . إن حبُّ اليمن وحده باقٍ لا يحتاج إلى مُسْتَنَدٌ مُوَثَّقٌ يُعْطِيكَ الْحَقَّ فِيمَا تَسْتَدِلُّ بِهِ. الشَّوق والحنان إلى اليمن يزداد لهيباً، لا يبرده أي لقاء وإذا بحثت عن السكن وجدت اليمن مكاناً للسكينة والراحة . وإذا وقفت عند الانتماء، وجدت انتمائي إلى اليمن تعدّى الشعارات ، وهنا احتبست دموع الــوطـن الجريــح في الأحداق حزناً وألماً على فقدان أبناءه فلـذات أكـبـاده ( ألابناء ) وحراس ربوعه وحماة منجزاته، وغاصت الغصة في دواعي الحزن والمرارة والألم.

فلك كل ليلة قبل ألنوم دعاء و دمعة وحسرة، دعاء ان يحفظ الله أهلك و يفرج الله عنك، ودمعة تحكي عن حزني على وطن يذبح والعالم يتفرج ، وحسرة تمزقت أوتار قلبى على كل بناء يدَمر وعلى كل طفل يقتل وعلى كل شاب يفارق الحياة وتندفن معه آماله وأحلامه وعلى كل أم فَقَدَتْ ابْنِهَا وكل أسرة فقدت عائلها .. وها هى دعواتى تتعالى على كل يد مُرْتَكِبُة أحرقت ممتلكات الوطن، وانحنت بسببها الظهور والقامات وعميت العيون وعلت الأهات فى كل مكان . 
اليمن السعيد الذي كان بالأمس شمعة تضيء في الأفق ، فإذا هو اليوم أصبحت مكان للارهاب والفساد والفقر والجوع وكل العالم يحسدنا على خيرات الوطن التى يشع منها الخير الكثير فى كل مكان ويتناثر الحب منها فى كل زمان...
ماذا حل بك يا يمن ؟! ما الذي أصابك؟ متى سننعم بحقن الدماء؟ ومتى ستختفي خفافيش الظلام ومتى ينتهي هذا الصراع ويعود لنا استقرارنا ؟ ومتى سنملك خطوط مدارك أيها الوطن ونحفر اسمك على كل سطر وعلى كل جبل وفي كل زاوية لتعبر بنا إلى برالأمان وتنهي نزيف الدم ،الدماء تسيل والشعب يقّهر وتبددت الأحلام والآمال فجأة , وتبخرت معها أيام وأفراح الغد القادم والخوف من الآتي كبير،أما بعد الضيق إلا الفرج ، فقد أشبعتنا بكاءً وحنيناً ! أما آن للدمعة أن تتبدل إلى بسمة وضحكة ؟ 
اقول للقادة السياسيين!!!  ( المبالغيين  في الكذِب والتَّمويه ) . كفاكم صراعاً من أجل كرسي أو منصب وهو زائل وبعدها (معاقب) مهما طال الأمد، كفاكم خيانة للوطن وسرقة ثروات الوطن وبيعه بأرخص الأثمان فهو حاميكم، ففي سوق النخاسة السياسية كل شئ جائز حتى بيع المبادئ والقيم ، وتجاهل الوطن، سرقتم آمال الشعب، ونهبتم أحلام الشباب، كفاكم عشوائية وارتباك فى اتخاذ القرارات دون دراسة كافية والتي ينعكس بالسلب على حياة ومعيشة معظم الشعب المطحون، كفاكم زرع الفتن واللعب في الخندق الطائفي فى وقت تعانى فيه البلاد من الانقسام والعنف وفقدان الأمل فى المستقبل وبالتالي تودي الى تدمير الحياة الاجتماعية التي أورّثونا إياها آباؤنا وحققوا فيها نجاحات على دروب الوطنية، والعيش المشترك وضعتم الوطن باكملة امام تحديات صعبة ومواقف لا يحسد عليها اذا لم يتلافها الجميع بمواقف قوية وجسورة، وطن غني أفقروه وطن قوي أضعفوه وطن كان له سيادة وهوية والآن ليس له لا سيادة ولا هوية، وطن كان له تعليماً عالياً لأبناء شعبه ،والآن تعليماً فاشلاً وتحقيق مصالح شخصية فاسدة. أما آن أوان الرحيل وانتصار الحق، أما آن أن ننسى أيام الظلم والغدر.

الإنسان بطبعه يتفاءل عندما تلوح أمامه فرص في الآفاق، ولإن هذه الفرص تحتاج إلى جهود متواصلة، فإن ذلك يتحول إلى طاقة تبدع وتتحرك نحو هدفها باستمرار،ونحن ﺑﺤﺎﺟﺔ إﻟﻰ ﻣﺠﻠﺲ ﻧﻮاب ﻳﺘﺸﺪد ﻓﯿﻪ اﻻﻧﺪﻓﺎع ﻧﺤﻮ اﻟﺼﺪق ﻟﯿﺸﻜﻞ ﺣﻜﻮﻣﺔ ﻓﺮﻳﻖ ﻋﻤﻞ ﻣﻨﺴﺠﻢ ﻳﻤﻠﻚ رؤﻳﺔ واﺿﺤﺔ وﻣﺸﺮوﻋﺎ

ﻟﺒﻨﺎء اليمن ﻓﻲ ﺿﻞ دوﻟﺔ ﻋﺼﺮﻳﺔ ﺗﺘﺤﻘﻖ ﻓﯿﮫﺎ اﻟﻌﺪاﻟﺔ اﻻﺟﺘﻤﺎﻋﯿﺔ واحترام وقبول الرأي الآخر ﻟﺒﻨﺎء اﻟﻮطﻦ واﻟﻤﻮاطﻦ ولن يحدث ذلك إلا بتكاتف الجهود وتوحيد الصف ولم الشمل والمصداقية في القول والعمل.

مقالات الكاتب